سبق تأسيس المدارس والجامعات في مصر وبلاد
الشام نظيره في الأقطار العربية الأخرى، وكان التعليم في مصر قبل محمد علي باشا مقصوراً على الكتاتيب وعلى الجامع الأزهر الذي أصبح في عام 1936 جامعة تضم كليتي
«الشريعة وأصول الدين» و«اللغة العربية». وبعد عام 1961 أضيفت إليه كليات العلوم
الحديثة المتنوعة. ومن الأزهر اختيرت أولى البعثات إلى فرنسة أيام محمد علي، وفي
عهده أنشئت المدرسة
الحربية ومدرسة الطب. وفي عهد الخديوي إسماعيل
أنشئت مدارس الحقوق والمعلمين والعلوم والفنون والصناعات ودار العلوم العالية.
وهكذا تدرج التعليم من الابتدائي إلى الثانوي، ولاسيما بعد عودة رجال البعثة
الأولى من فرنسا، ثم عني المسؤولون بالتعليم العالي فأنشئت «الجامعة المصرية» في
القاهرة عام 1908، وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات الأخرى في القاهرة والإسكندرية
وأسيوط وغيرها.
أما في بلاد الشام فكانت مدارس البعثات
الدينية أسبق من غيرها، ثم كثرت المدارس وتنوعت بين أهلية وأجنبية، فكان منها في
لبنان مدرسة «عينطورة» التي أسسها الآباء العازاريون سنة 1834، ومدرسة «عبيّة»
العالية التي أسست عام 1847، وأدارها المستعرب الأمريكي كرنيليوس ڤان
دايك Cornelius
Van Dyk ومدرسة
«غزير» التي أنشأها اليسوعيون في العام ذاته. وفي عام 1860 أنشئت «المدرسة
الإنكليزية» وهي أول مدرسة للبنات، ثم الكلية
الإنجيلية الأمريكية للبنات عام 1861. وتوالت بعد ذلك مدارس
البنات للراهبات العازاريات وراهبات المحبة و«زهرة الإحسان» للروم الأرثوذوكس...
وسواها.
أما أولى المدارس الوطنية الخاصة فقد
أنشأها المعلم بطرس البستاني عام 1863 تحت اسم «المدرسة الوطنية» كما
أنشأ المطران يوسف الدبس «مدرسة الحكمة» عام 1865.
وفي عام 1866 أنشأت الإرسالية الأمريكية في
بيروت كلية تخرج فيها طائفة من العلماء والمتعلمين ثم أصبحت هي ذاتها «الجامعة
الأمريكية» الحالية. وكانت تدرس أولاً باللغة العربية ثم عدلت عنها إلى الإنكليزية.
وفي عام 1874 نقل اليسوعيون مدرستهم من
غزير إلى بيروت وأصبحت «الكلية اليسوعية» وكانت هي أيضاً تدرس بالعربية ثم عدلت
عنها إلى الفرنسية.
وفي سوريا كان التعليم أول الأمر دينياً يتم في الزوايا والمساجد، وكان الجامع الأموي أكبر المدارس الإسلامية وأقدمها. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر
أخذت المدارس الابتدائية تنتشر في دمشق وحمص وحماه وحلب وسواها. ثم أنشئت في عام
1901 مدرسة للحقوق أضحت فيما بعد «كلية الحقوق»، وأنشئ «المعهد الطبي العربي» فكان
منهما نواة الجامعة السورية بعد الحرب العالمية الأولى جامعة دمشق اليوم.