أسست في العصر الحديث جمعيات كثيرة كان لها
دور بارز في إذكاء روح النهضة. ومن هذه الجمعيات ما هو أدبي، وما هو علمي، وما هو
سياسي. والمعول عليه هنا الأدبية، وإن أسهمت الجمعيات الأخرى إسهاماً غير مباشر في
النهضة الأدبية.
وسبقت بلاد الشام مصر وغيرها في هذا
المضمار، إذ تأسست «الجمعية السورية» في بيروت عام 1847 على يد الإرساليين
الأمريكيين، وكان هدفها نشر العلوم وترقية الآداب والفنون.وقد أربى أعضاؤها على
الخمسين منهم بطرس البستاني وناصيف اليازجي، وقد زودت هذه الجمعية بمكتبة. ثم
تأسست الجمعية العلمية السورية في بيروت وبلغ عدد أعضائها مئة وخمسين من
مختلف مدن الشام إضافة إلى بعض المصريين، وظلت هذه الجمعية تعمل حتى عام 1868. ثم
أنشئت في بيروت جمعية زهرة الآداب عام 1873 وكان من أعضائها نفر من الأعلام
بينهم: سليمان البستاني، وأديب إسحاق، ويعقوب صروف، وفارس نمر، وابراهيم اليازجي. وكان هدفها التمرس بالخطابة والبحث وكتابة
الروايات والمسرحيات التي كان يمثلها الأعضاء أنفسهم. وقد توقفت في عهد السلطان
عبد الحميد. ويضاف إلى هذه الجمعيات أندية وجميعات أخرى تأسست في أشهر حواضر بلاد
الشام. أما في الآستانة - عاصمة السلطنة - فقد تأسس «المنتدى الأدبي» الذي اتخذ
أعضاؤه من النشاط الأدبي واجهة للعمل السياسي القومي العربي.
وأشهر الجمعيات في مصر «جمعية المعارف» أنشأها
محمد عارف عام 1868 لنشر الثقافة وإحياء التراث. وقد نشرت كثيراً من كتب التاريخ
والفقه والأدب وبلغ عدد أعضائها ستين وستمئة منهم: إبراهيم المويلحي وأحمد فارس الشدياق ومحمد شافعي ومصطفى رياض باشا وسواهم. وتلتها جمعيات ومنتديات كثيرة، منها «جمعية مصر الفتاة».
وكان من أعضائها جمال الدين الأفغاني وأديب إسحاق وعبد الله النديم، وكان لتعلم المرأة أثر في ظهور بعض الجمعيات والنوادي
النسائية التي عنيت بقضايا المرأة إضافة إلى اشتغالها بالنشاط الأدبي المرتبط بتلك
القضايا.